شريط الذكريات
أصبح لا ينفك من إعادة شريط الذكريات مع ضيافة من نوع خاص كلما خلا له الجو وحيدا في صالة المنزل, مع ضيافة من نوع خاص في احد المعتقلات السرية المغربية... انه الم يعتصر قلبه, بل يكاد يقتلعه من مكانه بعد أن تذكر المختار 'خطري' كما يصفونه أصدقائه و لم ينسى كذلك كل أساليب و وسائل التعذيب المعروفة والغير معروفة, ولم تفته الفرصة أيضا ليعد رفاقه الذين شاركوه زنزانته المشؤومة الأحياء منهم و الأموات. فجأت علت وجهه ابتسامة خفيفة كأنه طفل في السابعة من عمره بعد أن تذكر بعض من طرائفه و مقالبه خصوصا مع 'اعسو' ذاك المخزني المغربي القادم من الاطلس .
لم يشعر بنفسه إلا و هو يردد بعضا من عبارات صديقه وزميله في الزنزانة رقم 105, احمد سالك "نحن شعب لا نركع إلا لخالقنا " , فلم يستطيع من أن يقاوم دمعة من النزول من عينيه, مسحها بيده و هو يقول: رحمك الله وجعلك من الشهداء والصالحين يا احمد سالك, ثم أردف قائلا: إنهم فعلا أناس تجردوا من آدميتهم.........فجات تعالي إلى مسامعه صوت المذيع في التلفاز ليقطع عليه خلوته في "المصرية" و راح يركز انتباهه أكثر فأكثر على صوته " افتتح اليوم جولة رابعة للمفاوضات بين جبهة البولزاريو والمملكة المغربية اليوم بمدينة مانهاستن الأمريكية .....", فخرجت من فمه قهقهة عالية " ا فضيمة في المفاوضات " ثم تنهد قائلا :إن ما اخذ بالقوة لا يرد إلا بالقوة" وراح يتساءل مع نفسه : الم يحن الوقت لإنهاء معاناة شعب عانى و لايزال يعانى من ويلات الاحتلال ؟ أ ستذهب سدى دماء الشهداء و سنوات الكفاح ضد الغازي؟ أ لم يحن الوقت لخروج الأمم المتحدة من دورها السلبي في التعاطي مع أقدم صراع في القارة الإفريقية ؟ و دون أية لحظة تفكير قال :لا و ألف لا لن نعيش تحت سقف واحد مع من قتل و شرد و عذب آلاف من الصحراويين ....و أضاف قائلا: حتى الإبل لم تسلم من بطشه, ما يعتز الصحراوي بامتلاكها , لا لن تنمحي ذاكرتي عن ما فعله مغرب أبدا ولن تطوى صفحة الماضي الأليم قالها و هو يعيد شريط الذكريات لحظة لحظة .......و بينما هو في شرود تام تناهي إلى أسماعه صوت المؤذن ينادي لصلاة........